ملاحظات أمام من يعنيهم الأمر بالسَّلامة العامة!
حنا ميخائيل سلامة نعمان
لقد حزَّ في نفوسنا جميعاً وآلمنا الحادث المأساوي الذي وقع في ميناء العقبة مِن جرَّاء سقوط وانفجار صهريج الغاز وما خلَّفه مِن سقوط أرواحَ بريئة ندعو الله أن يرحمها وأن يمنح الصبر لذويها وأن يَمُنَّ بقدرته الشفاء للمصابين الذين يرقدون على أسِرَّة الشفاء. والحادث المأساوي هذا مع جُملة ما وقع من حوادث متفرقة خلال الأعوام السابقة تدعونا لتقديم الملاحظات التالية لمن يعنيهم الأمر لإعادة النظر في أساليب تطبيق شروط السلامة العامة بكافة بنودها وبالجدية المطلوبة ودون استثناء لموقع أو مكان!
لقد جرت العادة أن تطرح فِرق السلامة العامة عند زياراتِها الدورية للتفتيش على المؤسسات والمحلات والشركات والمعارض وغيرها السؤال التالي: هل لديكم طفاية حريق؟ ثم تتبعه بسؤالٍ آخر: هل لديكم صندوق إسعاف؟ وبعد أن يتمَّ التأكد من توفرهِما مع ما يصحب هذا في حالات من جولة خاطفة تغادر تلك الفِرَق باعتبار الأمور كلها تمام التَّمام! لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تلفتت فرق السلامة العامة إلى المحلات والمستودعات والمعارض الموجودة داخل المجمعات التجارية وفي طوابق عمارات وأبنية كثيرة سواء التجارية منها أم السَّكنية في داخل العاصمة أو في محيطها بما في ذلك سائر المدن والبلدات، حيث تحتشد تلك الطوابق بمحلاتٍ ومستودعات تتكدَّس فيها أطنان الأقمشة والملابس والأحذية ومنتجات الكاوتشوك والبلاستك وبضائع ومعروضات على أشكال وأنواع في ظروفٍ تنعدم فيها أدنى شروط ومتطلبات السلامة العامة، علماً أنَّ أغلبها من البضائع القابلة للاشتعال من شرارة واحدة؟
وإذا كانت فرق السلامة العامة التي تُمثـِّلُ المديريات المختصة والدوائر الرسمية تضمُّ خلال حملات التفتيش خبراء ومختصين، فلماذا تـَصْرِفُ النظر عن إلقاء نظرة فاحصة على الأنظمة الكهربائية والتمديدات وحجم الأحمال الزائدة عليها؟ ولو أنَّها ألقت نظرة من نوافذ طوابق تجارية أو سكنية إلى تنَدات الدكاكين وشرفات طوابق المحلات والمستودعات لوجدت مشهداً خطيراً لا يخطر على البال وهو تراكم كميات كبيرة من الأسلاك الكهربائية الممدودة والمتصلة ببعضها، ومن تلك الأسلاك ما يسري فيه التيار الكهربائي بقوة ثلاثة – فاز - حيث ألقيت فوق بعضها البعض بشكل عشوائي، ومنها ما يحيط بأجهزة التكييف المثبتة على الجدران أو المتموضِعة فوق الشرفات حيث يندفع منها هواءٌ ساخِنٌ يذيب أقوى شبكات الكيبلات والأسلاك القديمة مع حرارة الطقس. ومع تآكل الأغلِفة الواقية للإسلاك التي يسري فيها التيار الكهربائي وتعرِّيها وَتَفتُّتِ وَصْلاتِها بفِعْل القِدَمِ وتقلبات الفصول وحرارة الشمس الحارقة، أصبحت ولِتَجمُّعِها فوق بعضها البعض وقرب تماسِّها تشكل خطراً كبيراً على الطوابق السالِفة الذِكِر، والإتيان على ما فيها بحريقٍ يفتك ويمتد عمودياً وأفقيا لعشرات المحلات والمستودعات المتلاصِقة بما يتعذر إخماده إلا بعد وقوع خسائر مادية ضخمة قد يواكبها خسائر بشرية لا قدَّر الله.
وإذا كانت السلامة العامة في كثيرٍ من محلات ومخازن الطوابق الأرضية المتجاورة والمحتشدة ببضائع سريعة الاشتعال ليست على النحو المطلوب، فإن ما يلفت الانتباه منح تراخيص مزاولة مهنة لمطاعم الوجبات السريعة وغير السريعة لمجرد قيام أصحابها بتركيب مَداخِن.. لكن دون استيفاء الشروط المحدَّدة من ناحية الارتفاع المطلوب وجودة التصنيع والتركيب. فتراها وقد أخذت تقذف حِمَمَها من أبخِرَة وغازات وزيوتٍ محترقه على التندات والشرفات التي تتكدس عليها الكيبلات وشبكات الأسلاك بما يُسهِّل ذوبانها فتماسها فاشتعال المحيط بها ثم الانتقال بلمح البصر إلى داخل الطوابق حيث الأقمشة والملابس والمنتجات البلاستيكية والكاوتشوكية. ولن أخوض في أماكن تموضع أسطوانات الغاز في المطاعم وبعض المقاهي حيث تجدها قريبة مِن أجهزة الطهي أثناء إشعالها وتشغيلها، بل وقرب العاملين عليها والزبائن في حالاتٍ.
وفي السياق نتساءل كيفَ للنداءات المتكررة من المواطنين في الشتاء الماضي وما قبله حول الأشجار التي تشتبك بداخلها الأسلاك الكهربائية وما وقع من حوادث مِن جراء سقوط الأسلاك مع الأغصان والأشجار وما سببته من أعطال ومخاطر على الإنسان، تلك النداءات التي تحفَّزت لها وقتئذٍ شركة الكهرباء والأمانة والوزارات المعنية لم يجرِ تفعيل متطلباتها وإجراء اللازم من خلال حَملات وجولات على جميع الشوارع والطرق للتأكد من بُعد الأسلاك عن الأشجار وقطع ما تُسبِّبُه من أخطار في الشتاء القادم فجمع الأغصان المتساقطة وإعادة ربط شبكات الأسلاك دون معالجة جذرية سيجعل السلامة العامة في هذا الأمر مُهددة.
أما السلامة العامة فنجدها غير مطبقة بالفعل من كثيرٍ مِن متعهدِيّ تشييد الأبنية والعمارات حيث نرى كمثالٍ العمال مُعلقين على ألواح خشبية مخالفة للشروط المطلوبة ومشدودة بِحبالٍ غير آمنةٍ يضطر العامل للعمل عليها مرغماً لتامين معيشته وروحه على كفه. وغير ذلك من ظواهر سقوط مواد بناء وحجارة تهدد المارة والمجاورين لعدم تطبيق متطلبات شروط السلامة حسب الأصول.
يبقى أن نُعيد للذاكرة على ما وردَ في بداية المقال ليس الحوادث الحديثة العَهد التي لا تزال قريبة من الذاكرة ومعروفة للجميع، بل ما جرى لمراتٍ نذكر منها على سبيل المثال ذلك الحريق الذي شبَّ من جراء تماس كهربائي ثم التهم نحو أربعين محلاً في أسواق البخارية وفيلادلفيا والبلابسة في الشهر الثامن من عام 2009 وجهود الدفاع المدني العام الكبيرة الذي دفع بخمسين آلية إطفاء وثلاثماية رَجُلٍ لمحاصرته وإطفائه، والحريق الهائل الذي شب ليلة الأحد 26/5/2013في عمارة ومحال تجارية في شارع الملك طلال قرب ساحة النوافير ما دفع بعشرات آليات الإطفاء لإخماده.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
المَطبَّات على الشوارع وافتقار أغلبها للمعايير المطلوبة لتحقيق السلامة المرورية!
حنا ميخائيل سَلامة
لا يخفى على أحدٍ أنّ هناك معاييرَ دولية ومحلية مع جُملةِ قواعدَ مُحدَّدَة تتوفر لوضع المطبَّات وتثبيتها على الشوارع الرئيسية والفرعية، لكن ينبغي الاعتراف أن ذلك غير مُطبَّقٍ ولا يجري العمل بمقتضاه على النَّحو المطلوب في أعمِّ الشوارع. فالمطبَّات المُقامة مِنها ما يرتفعُ دونما ضرورة ارتفاعاً مخالفاً للمعايير الدولية والمحلية بما يُسَبِّب حوادث للمركبات وأذىً جسدياً للسائقين وللرُكَّاب مع الأخذ بعين الاعتبار رَداءَة مَصنَعية وتصميمِ الكثيرِ منها. لذا بات من الضرورة بمكانٍ كبيرٍ أن يُصار من خلال أمانة عمان الكبرى والبلديات الأخرى المَعنية إلى إزالتها وإعادة تصميمها بتخفيض ارتفاعها مع ما يلزم من تجهيزات تتماشى والضوابط المرورية المعروفة. كذلك إزالة المطبات التي لا جدوى لوجودها.. وغيرها كَمِثل التي أُقِيمَت مِن أشخاص حَسَبَ أمزجتهم لتخدم مصالح أبنيتهم ومحلاتهم ومؤسساتهم ودونَ موافقات رسمية أو تقيدٍ بالارتفاعات حسب الأصول وما يتبع ذلك من شروطٍ لإنشائها.
وفي السِّياق، فقد باتَ من الضروري لتحقيق السلامة المرورية طِلاء المطبات كلِّها بأنواع من الطِلاء الخاص عالي الجودة وليس من الأنواع التي جَرت العادة باستخدامها ولا تدوم سوى لأيام مَعدودة ثُمَّ تُطْمَسُ بفعل حركة المركبات وعواملَ أخرى. كذلك وضع العواكس الأرضية الفوسفورية العالية الجودة والمَصنَعيَّة ليستطيع السائق أن يلاحظها مِن بُعْدٍ ليلاً، يرافق هذا تثبيت شاخصات مرورية تُفيد بوجود المطبات جميعها بما في ذلك على الشوارع الفرعية وأن تكون واضحة للعيان وغير مختفية على جوانب الأرصفة وبين أغصانِ الأشجار التي ٍتُخفي معالمها!
إنَّ تَفاجُأ السَّواقين بالمطبَّات" الأسفلتية " المنتشرة على الشوارع الرئيسية والفرعية والتي لا يُميزها السائق كونها أقيمت من المادة الأسفِلتية نفسها التي تُعبَّد منها الشوارع، وَدونَ توفرِ علاماتٍ أو طِلاء فوسفوري يلفت الأبصار إليها مع انعدام الشاخصات التحذيرية يُسَبِّبُ باستمرارٍ حوادث وارتجاجات وإيذاءَات لأجساد سائقي المركبات ومَن هُم بمعيتهم حتى وإن كانت السُّرعة حسب اللوائح المُقرَّرة!
ولا بُد من الإشارة، إلى أن الكثير مِن الطرق الخارجية والداخلية تفتقر إلى العلامات والخطوط الأرضية والجانبية التي تُبيِّن المسارات والاتجاهات ومثلُ ذلك لِحَواف الشوارع والجُزُر الوَسَطيَّة، هذه الخطوط بالغة الأهمية ويفترض أن تكون من الأنواع الثابتة المتعارف على نوعيتها عالمياً لتكتسب صِفة الديمومة وليس على النمط المعمول به على بعض شوارعنا حيث تذهب معالمها بعد أسبوع من تخطيطها فتذهب كلفة ذلك هدراً! كذلك إعادة النظر بالإشارات واللوحات والشاخصات المرورية والتحذيرية والإرشادية التي منها ما يحتاج إلى إعادة تغيير موقعه ومنها ما يحتاج إلى صيانة وطلاء فوسفوري ليكون عوناً للسائقين مع حلول الظلام، حسبَ رؤية هندسية متطورة ولا نظن هذا بالأمر الصعب على أيِّ جهةٍ طالما الهدف تحقيق السلامة المرورية.
ثمَّة سؤالٌ لا بُدّ مِن لفتِ الانتباه اليه وكيلا يبقى شعار "سلامة المُشاة من الأولويات" دون تطبيقٍ فِعليٍ ملموسٍ والسؤال ينحصِرُ في: أينَ يسير المُشاة إذا كانت أرصفة كثيرة قد زُرعت من قِبَل أصحاب بنايات وفِلَل بأشجار غليظة السِّيقان والجُذوع وكثيفة الأغصان ليس لغرض التجميل كما يُشيِّعون، فهذا يكون باختيار أشجار لا تحتل الأرصفة بكاملها، بل قَصدُهم أَلاَّ تطأ الأرصفة قُبالة أبنيتهم أقدام المُشاة، فتراهم والحال هذا قد اضطروا للنزول والمَشي على الشوارع مُعرِّضينَ أرواحهم لخطر مُداهمة السيارات والدَّهس والدَّعس وكثيراً ما وقعت حوادث مِن هذا القبيل يعرفها الجميع دونَ إيلاء السبب الرئيس الذي ألزم المُشاة لاتخاذ الشوارع بدائل عن الأرصفة التي اكتسحتها الأشجار !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.