آفة المخدرات بأصنافها مصدر قَلق للشعوب كلها!
حنا ميخائيل سلامة نعمان
كلَّما طالعتنا الصُّحف بتمكن الجهات المَعنيَّة من إحباط عمليات تهريب مُخدِّرات أو إلقاء القبض على تُجارِها ومُروِّجيِها سَرَّنا ذلك. ومَنبع السرور أنَّ تحصين أبناء المجتمع من هذه الآفة التي باتت مصدر قلقٍ ليس على المستوى المحلي فحسب، بل لدى الشعوب كلِّها مسألة بالغة الأهمية. ويعود الانتشار السريع لتجارة المخدرات في العالَم للأساليب البالغة التنظيم ولِتفنُّن المنتجين والمصنِّعِين والمروِّجين ومن يدعمهم، فهدفهم جميعاً تحقيق مكاسب مادية فلَكيَّة وإن كانت على أكتاف الفتك بصحة الناس وتدمير حاضرهم ومستقبلهم بالإضافة لِنسف الثوابت الاجتماعية والأخلاقية وغير ذلك.
إن ما يُنشر من أنباء حول الجهود الموصولة المخلصة في إحباط عملياتِ تهريبٍ تجري بأساليب لا تخطر على البال، وبكميات كبيرة يتمُّ الإعلان عنها بشفافية، يدل بوضوح على وجود سُوقٍ وطلبات متزايدة مِن مُتعاطيِّ هذه المواد. ويؤكِّد في حالاتٍ أنَّ ليس كلّ ما يُمْسَك يكون مُتَّجِهاً لِدول أخرى. وعليه مِن الحقِّ الاعتراف أننا أمام قضية كبيرة خطيرة يجدر تسليط الضَّوء عليها بشكل واسع وعدم تبَسيطِها، بل استنفار الطاقات الرسمية ومضاعفة الجهود لمنع تفشِّيها أكثر والقضاء عليها بالتعاون مع آلاف مؤسسات المجتمع المدني من ثقافية وتعليمية واجتماعية ورياضية وغيرها، هذه التي يفترض بما تملكه من قُدُرات بشرية ومادية أن لا تحصِر أنشطتها وتؤطِّرها ضمن مُسمياتها فقط، إنما يُفترض ومن حِسِّها الوطني ومِن فائضِ الدعم الذي يتلقاه بعضها مِن ميزانية الحكومة أن تُسهِم بحلّ القضايا والمشكلات والتحديات التي تقع في المجتمع.
ولسنا بصدَدِ عرض الأضرار الصحية البالغة الخطورة التي تلحُق بالمتعاطين فالطِّب يؤكِّد تأثير المخدِّرات على أعضاء الجِّسم وأجهزَتِه كلّها، يواكب هذا اضطرابات نفسية وسُلوكية تقضي على حياة المتعاطين وربما تقودهم للقيام بممارسات عدوانية وغيرها. يواكب هذا دمار بيوت أسَرِهِم وذويهم وخسارة المجتمع لِقُدُرات كان يُمكن لها أن تُسهم في البناء والتطوير لا أن تُمْسَخ صُورتها في المجتمع!
وحَريٌ مع عدم نُكران الجهود المخلصة المبذولة، فتح الأعين على نحوٍ أوسعَ كيلا تدخل البلاد بطرق مُلتوية، البذور المستعملة لزراعة بعض أنواع نبات الحشيش، مع مُضاعفة الجهود مِن قِبَل الكوادر الميدانية في وزارة الزراعة وغيرها لِلكشف في حال توفُّر مزارع تُنتج محصول الحشيش أو تُصَنِّعُه من خلال عمالة وافدة تحديداً لإيثار هذه العمالة الصمت على ما تقوم به مِن أعمال حفاظاً على معيشتِها!
وفي السِّياق، لا بُد من قرع جرس الخطر حول اندفاع وَنَهَمِ فئات شبابية مِن الجِنْسَيَن، وانقيادها الدائم لِنوادٍ ومَقاهٍ ومطاعمَ مُحدَّدة.. وكأن تُمباك وَمُعسِّل نراجيلها تمزج بصنوفٍ بما يخدِّر أو يُعطي نشوة بما يتطلبُ مضاعفة إجراءات الرقابة على عمل ومرتاديّ تلك المواقع. وليس يغيب عن الذهن، أن هناك فئات من أعمار مختلفة تُقدِم وقد اعتادت على شراء مواد للإستنشاق مِثل: سبيرتو/ آجو /بنزين/ غاز القدَّاحات وغير ذلك وجميعها يُباع بثمن زهيد في سائر المحال، لتفعل فِعلها بالدماغ فَتُسَطِّل متعاطيها أو تدفع لميول عدوانية وتصرفات غير محمودة. وهنا يبرز دور الأهل في مسؤولية مراقبة سلوكيات أبنائهم الذين ولغياب خبرتهم في الحياة وجهلهم بمضاعفات تصرفاتهم يقعون مع الأيام فرائس لآفة المخدرات بأصنافها الفتاكة. كما أن عيون المعلمين في المدارس ينبغي أن تكون مفتوحة في حال ملاحظة أية ظواهر سلوكية أو جسمية او نفسية على الطلبة تكون ناجمة عن تعاطي ما تم ذِكره ومتابعة الأمر مع الأهل ومع من يعنيهم الأمر. يجيء هذا لوقف أي تدهور وتمادٍ في الحالات ولتأهيل المدمنين ومن انغمس بهذه الآفة مبكراً في المراكزَ المتخصصة.
ومع الثقة بآلية عمل مستودعات المستشفيات وصيدلياتها وكفاءة العاملين فيها، لكن لا يضيرُ أن تكونَ تلكَ التي تشهد ازدحام عملٍ في ساعات النهار والليل تحت مزيدٍ مِن المراقبة، لئلاَّ تقع حالات تسريب حُبوب وغيرها مِما يقتضيه العمل الطبي العادي أو الجراحي للتخدير والتنويم مِن قِبَل أيٍ كان إلى خارجها. ولعلَّ أهمية أيضاً تكمُن في مزيدٍ من فتح العيون على صيدليات قريبة من تجمعات طلابية من جامعات وكليات وغيرها في مناطق مختلفة كيلا تباع بطُرقٍ معيَّنة أو تحت الإكراه حبوب تخدير وتنويم وهلوسة بالرغم من عدم جواز بيعها إلا مُقابل وصفات طبية رسمية.
وختاماً إنها مسؤوليتنا جميعاً أن نُعِدَّ الشخصية السَّوية المتكاملة الناضجة الواعية والقادرة على أن تكون قوةً مُنتجة فاعلة في المجتمع تتمكن بطاقتها الجسدية والنفسية غير المضطربة من مجابهة متطلبات الحاضر وآمال المستقبل!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
في عدم التزام أغلب محلات بيع الخضار والفاكهة بإعلان الأسعار!
حنا ميخائيل سلامة
ليسَ حسناً أن تبقى محلات بيع الخضار والفاكهة ومعارضها المنتشرة في مناطق كثيرة بعيدة في أغلبها عن أنظار الجهات الرقابية. ولبرهان هذا فإنك تجد إصرار أصحابها على عدم إعلان الأسعار وتثبيتها بمحاذاة الأصناف المُعدَّة للبيع، وكأنهم في هذه الممارسة لا يكترثون بالقوانين والتعليمات الرسمية المُلْزِمَة بوضع الأسعار. والحالُ نفسه ينطبق على الأسواق الشعبية، هذه التي يتوقع مَن يذهب للتسوق منها أن أسعارها مُتدنِّيَة فيخيب ظنه وفوق هذا لا تجد من يلتزم بإظهار الأسعار!
إنَّ ما يُزعج المواطن، أن يجد الذرائع والحِجج جاهزة على ألْسِنَة الباعة عند الاستفسار عن سبب عدم تسعير الأصناف المعروضة. هذه الذرائع يجب أن تضع الكوادر الرقابية حداً لها كونها جاهزة ولا تتغير بمرور الأيام مَا يدّل عن قصدٍ في التلاعُب بالأسعار! ومِن هذه النماذج: "وصلت الخضار قبل قليل ولم نجد وقتاً لتسعيرها وسنُسَعّرها بعد قليل"، أو: "كانت قائمة الأسعار موجودة لكن وقعت أو اختفت مع ازدحام الزبائن"، أو يدّعي صاحب المعرض أن عامِلاً تغيَّب عن العمل ولم يتمكن هو من كتابة الأسعار، أو يتظاهر أن المُذنِب هو العامل عنده وسيأمره حالاً بوضع الأسعار. أو يقول:" الأسعار ليست مشكلة"، حتى إذا جمع المواطن حاجته جرى التلاعب ورفع السعر دون رحمة. ويعمد تجارٌ لِوضع لوحات كرتونية في زوايا غير واضحة كُتبت عليها أسعار جُزءٍ بسيطٍ مِن المعروضات، يجيء هذا دفعاً للمساءَلة والمخالفة فيشيرون إليها إن مرَّت كوادر الرقابة عليهم، ومن جانب آخر للتلاعب بأسعار بقية الأصناف غير الواردة في اللوحات على ضَوء هيئة الزبون وعمره وجنسه ومدى يقظته!
وقد تفنَّن بعضهم في أسلوب التلاعب بحيث يضع سعراً منخفضاً لصنفٍ في مدخل محله ليجذب الزبائن ويضع الصنف عينه والمُدَّعَى أنه أجددَ أو مَحصول دولة أخرى في ركن داخلي بسعر أعلى، وما أن يتوجه الزبون الذي اشترى الصنف الأقل ثمناً للدفع مع جملة مشترياته، ضُرب الصنف على السعر الأعلى عَن عَمَدٍ، ما لم ترصد عين الزبون هذا السلب المكشوف فيأخذ البائع باجترار أكاذيبَ نُسِجت بدهاء وأنَّ ما وقع مجرد غلطة ليس إلاّ!
إنَّ ما ينطلق مِن أفواه باعةِ محلاتٍ ومعارضَ لا تلتزم بإعلان الأسعار مطلقاً وموجودة في شوارع فرعية وأحياء سكنية مختلفة بأنَّ الجهات الرقابية لا تأتيهم لثقتهم بنهج عملِهم السليم، هذه المسألة إن صَحَّت تتطلب مضاعفة الرقابة على هكذا محلات لوقف أية حالات استغلالٍ قائمة.
وفي السِّياق، من المستغرب أن يُقال مِن بعض مَن يعنيهم الأمر حين طرح مشكلة عدم تسعير البضائع "مَن لا تُعجبه أسعار محلٍ أو معرضٍ فهناك عشرات المحال البديلة". إن هذا القول غير المُنصف يَصلُح أن يُقال لِمن لديهم مركبات خاصة يمكنهم التجول فيها واختيار الملائم ولا يصلُح لأكثرية لم تُسعفها الظروف لاقتناء مركباتٍ فتراها تلجأ لمحلات ومعارض قريبة فتكون تحت سَطوةِ أسعارها!
ثمَّة نصيحة نضعها أمام بَصر مَن يذهب للتسوق أو مَن يُرسل فرداً مِن عائلته، أن يُصِرَّ على طلب فاتورة أو على الأقل ورقة يكتُب فيها البائع مهما كان حجم محله وموقعه وزن كل صنف بصنفه وسعر الكيلو الواحد مِنه وثمنَه الإجمالي، وألاَّ يعتمد على رقمٍ واحد يشير لمُجمل مشترياته فيدفعه ويمضي. هذا النهج في غاية الأهمية ولن يريح الفئة التي تستمرئ التلاعب، وقد تغضِبهُم لأنهم كما يزعمون موضع ثقة الزبائن، وقد يدعي بعضهم ازدحام العمل وتعذر كتابة فاتورة أو منح ورقة الصندوق، هنا سيكتشف المواطن كم تمَّ التلاعب بأسعار ما اشتراه مِن قبل وأيضاً كم تمَّ العبث بأوزان ما اشتراه على مدى سنوات دون أن يكلف نفسه مِن التحقق ولو مرة واحدة من صِحَّة الأوزان. أما الموازين في بعض المحلات فهي ميدان يُتقَن فيه التلاعب والغش، فبعض الأصناف المنتقاة يخزَّن سعر الكيلو منها في حواسيب صناديق الدفع على خِلاف أسعارها الحقيقية، أو يتم ضرب الوزن بسعر صنف آخرَ مرتفع الثمن، لأن الزبون يدفع سعراً إجمالياً دون أن يعرف تفصيلات مشترياته.
وختاماً نأمل من وزارة الصناعة والتجارة والتموين وضع حلولٍ تكتسب صفة الديمومة لِما سبق ذِكرُه لأنه يتعلق بقوت المواطن اليومي ونخص هنا أصحاب الدخل المتدني والمتوسط الذين لا ينفكون يتظلمون من هذه القضية وآن الأوان لسماع تظلماتهم. ولعلَّ في تدخل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات في موضوع نسبة الربح المرتفعة التي يستوفيها كثرة من باعة الخضار مقارنة مع كلفتها الأصلية، ما يردعهم ليخفضوا الأسعار وبعكس ذلك استيفاء الضرائب على ضَوء أرباحهم الخيالية!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.