أربعُ ملاحظاتٍ تتعلقُ بسياراتِ الأُجْرَة نَضعُها أمامَ مَن يعنيهم الأمر..
حنا ميخائيل سلامة نعمان
في الوقت الذي نقدِّر فيه جهود العاملين في قطاع النقل والمواصلات بسائرِ وَسائِله، وإسهام هذا القطاع الحيوي في دفع عَجلة التنمية وخدمة الناس وَتَيسير مصالحهم، فإنَّ هناك بعض الملاحظات التي تجيء من أرض الواقع نضعها أمام مَن يعنيهم الأمر بأمل متابعتها وإجراء اللازم حولها.
الملاحظة الأولى تتعلق في نِسْبَةٍ من سائقي المركبات العمومية بالأجرَة -التاكسي الأصفر والسرفيس- إذ ما عادت تكتَرِث للتعليمات الصادرة عن هيئة تنظيم قطاع النقل والجهات المختصة الأخرى، والقاضية بتثبيت بطاقة تعريف في مكان واضح المعالم مِن المركبات تتضمن اسم السائق وصورة شخصية له واسم المكتب الذي يعمل لصالحه ومعلومات أخرى مُدوَّنة عليها ذات أهمية بالغة. والبطاقة المذكورة يجري تجديدها سنوياً. وتوفُّرها إلزامي في كلِّ مَركبةِ أُجْرَةٍ وأن تكونَ قُبالة نظر الركاب وليس في رُكنٍ منها أو وضعها بشكلٍ مقلوبٍ كيلا تُرى معلوماتها.
الملاحظة الثانية تتعلق بظاهرةٍ تُشبهُ أن تكون اسْتِعطاءً مِن قِبل فئةٍ مِن سائقي تلك المركبات. حيث يُمَثِّل السائق أثناء قيادته المركبة لتوصيل الركاب -ونخصُّ هُنا إن كانوا مِن زوار البلد وضيوفه أو كانوا مِن الإناث في استغلالٍ لمشاعرهنَّ الإنسانية - يُمثِّل ورودَ مكالمة له وتكون مُنسَّقة مِن قَبل.. تُفيدُ كمِثال مِن أمثلةٍ متنوعةٍ ،ٍ بوقوع حادثٍ لأحد أفراد عائلته وأنه جرى نقله للمستشفى ويتطلب ذلك مبلغاً سريعاً من المال، فيأخذ السائق بإظهارِ صدمته وأنه لا يملِك شيئاً. ويأخذ في استثارة عاطفة الركاب مِن خلال استعطاءٍ ٍلتوفير أيّ مبلغٍ يكون عوناً له فيما يسميه مصيبة حلَّت عليه، فتراهم يقدمون ما في جيوبهم له على حاجتهم لِما يقدمونه! صحيحٌ أنهم غير مُلزمين بإعطاء مَالِهِم على هذا النحو، لكن لأنَّ الموضوع يدخل في بابٍ يُشبه أن يكونَ تحايلاً متكرِّرَاً، فمن الأهمية متابعته مِن الجهات المعنيَّة. ومن السهل ذلك من خلال سوَّاقين مؤتمنين يمكنهم الإفصاح بمعلومات عن تلك الفئة التي تُسيء بتصرفاتها على باقي السواقين الذين يحرصون على عملهم ويُخلصون لرسالة المهنة. يواكب هذا التأثيرات السلبية لتلك التصرفات التي تترك انطباعات غير محمودة في النفوس.
الملاحظة الثالثة تتعلق بعودة ظاهرة انتقاء الرُّكاب مِن قِبَل نسبةٍ غير ضئيلةٍ مِن سائقي تلك المركبات حيث يرفض كثيرون منهم حين معرفة وُجْهَة الركاب توصيلهم اليها تحت حُجَج مختلفة جاهزة على ألْسِنَتهم. يجيء هذا لانتقاء رُكَّابٍ مُحدَّدين حسبَ المِزاج ولأماكن يرَونها أكثر راحة لهم وأوفر دَخلاً. فَتَمُرُّ على سبيل المِثال أمام الشخص المُنتَظِر عدَّة سيارات على فتراتٍ زمنيةٍ فيُوجِّه كلّ سائقٍ سؤاله: إلى أين؟ ثم تراه يرفض لحُجَّةٍ جاهزة عنده.. وبعد مُعاناةِ انتظارٍ تحت أشعة الشمس صيفاً أو تحت المطر المُنهمرِ شتاءً تجِد مَن يتكرم ليوصِلَ الشخص إلى المكان الذي يُريده.
الملاحظة الرابعة تتعلق بعودةِ الادعاء بتعطُّل عداد الأُجْرَة ويكونُ هذا بعد توصيل الرُّكاب لوجهتِهم وتأتي هذه الحُجَّة مِن قِبَل فئة لاستيفاء أجرةً مضاعفة، بل وأكثر مما هو مستحق الدفع. وتنشطُ هذه الحالة بالإضافة لمناطق متفرقة قُرب مُجمعات السفريات في استغلال للقادمين الذين يريدون الوصول لعناوين مختلفة فتراهم يدفعون رغماً عنهم اجتناباً للأخذ والرد والمشاكل. وفي السياق، ومع وجود أسماءَ واضحة للشوارع وتوفر أرقام للأبنية ووجود مَعالمَ يعرفها القاصي والداني فإن هناك مِن السواقين مَن يدعي عدم معرفته بالمناطق والشوارع ليأخذ راحته في اللف والدوران وليُسجِّل العداد مسافات طويلة وقد يدعي تعطل العداد حين يصل بالركاب لمقصدهم لاستيفاء أجرةٍ عاليةٍ!
ويبقى القول إن توفر المركبات العاملة بنظام التطبيق الذكي على أهمية الأمر إلاَّ أنَّه لا يعني عدم حاجة الناس لسيارات الأُجْرَة المعهودة لقضاء حاجاتهم في التنقل على ضَوء القوانين التي تضمن حقوقهم ودونَ استغلالٍ مِن أحد.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ملاحظات أمام من يعنيهم الأمر بالسَّلامة العامة!
حنا ميخائيل سلامة نعمان
لقد حزَّ في نفوسنا جميعاً وآلمنا الحادث المأساوي الذي وقع في ميناء العقبة مِن جرَّاء سقوط وانفجار صهريج الغاز وما خلَّفه مِن سقوط أرواحَ بريئة ندعو الله أن يرحمها وأن يمنح الصبر لذويها وأن يَمُنَّ بقدرته الشفاء للمصابين الذين يرقدون على أسِرَّة الشفاء. والحادث المأساوي هذا مع جُملة ما وقع من حوادث متفرقة خلال الأعوام السابقة تدعونا لتقديم الملاحظات التالية لمن يعنيهم الأمر لإعادة النظر في أساليب تطبيق شروط السلامة العامة بكافة بنودها وبالجدية المطلوبة ودون استثناء لموقع أو مكان!
لقد جرت العادة أن تطرح فِرق السلامة العامة عند زياراتِها الدورية للتفتيش على المؤسسات والمحلات والشركات والمعارض وغيرها السؤال التالي: هل لديكم طفاية حريق؟ ثم تتبعه بسؤالٍ آخر: هل لديكم صندوق إسعاف؟ وبعد أن يتمَّ التأكد من توفرهِما مع ما يصحب هذا في حالات من جولة خاطفة تغادر تلك الفِرَق باعتبار الأمور كلها تمام التَّمام! لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تلفتت فرق السلامة العامة إلى المحلات والمستودعات والمعارض الموجودة داخل المجمعات التجارية وفي طوابق عمارات وأبنية كثيرة سواء التجارية منها أم السَّكنية في داخل العاصمة أو في محيطها بما في ذلك سائر المدن والبلدات، حيث تحتشد تلك الطوابق بمحلاتٍ ومستودعات تتكدَّس فيها أطنان الأقمشة والملابس والأحذية ومنتجات الكاوتشوك والبلاستك وبضائع ومعروضات على أشكال وأنواع في ظروفٍ تنعدم فيها أدنى شروط ومتطلبات السلامة العامة، علماً أنَّ أغلبها من البضائع القابلة للاشتعال من شرارة واحدة؟
وإذا كانت فرق السلامة العامة التي تُمثـِّلُ المديريات المختصة والدوائر الرسمية تضمُّ خلال حملات التفتيش خبراء ومختصين، فلماذا تـَصْرِفُ النظر عن إلقاء نظرة فاحصة على الأنظمة الكهربائية والتمديدات وحجم الأحمال الزائدة عليها؟ ولو أنَّها ألقت نظرة من نوافذ طوابق تجارية أو سكنية إلى تنَدات الدكاكين وشرفات طوابق المحلات والمستودعات لوجدت مشهداً خطيراً لا يخطر على البال وهو تراكم كميات كبيرة من الأسلاك الكهربائية الممدودة والمتصلة ببعضها، ومن تلك الأسلاك ما يسري فيه التيار الكهربائي بقوة ثلاثة – فاز - حيث ألقيت فوق بعضها البعض بشكل عشوائي، ومنها ما يحيط بأجهزة التكييف المثبتة على الجدران أو المتموضِعة فوق الشرفات حيث يندفع منها هواءٌ ساخِنٌ يذيب أقوى شبكات الكيبلات والأسلاك القديمة مع حرارة الطقس. ومع تآكل الأغلِفة الواقية للإسلاك التي يسري فيها التيار الكهربائي وتعرِّيها وَتَفتُّتِ وَصْلاتِها بفِعْل القِدَمِ وتقلبات الفصول وحرارة الشمس الحارقة، أصبحت ولِتَجمُّعِها فوق بعضها البعض وقرب تماسِّها تشكل خطراً كبيراً على الطوابق السالِفة الذِكِر، والإتيان على ما فيها بحريقٍ يفتك ويمتد عمودياً وأفقيا لعشرات المحلات والمستودعات المتلاصِقة بما يتعذر إخماده إلا بعد وقوع خسائر مادية ضخمة قد يواكبها خسائر بشرية لا قدَّر الله.
وإذا كانت السلامة العامة في كثيرٍ من محلات ومخازن الطوابق الأرضية المتجاورة والمحتشدة ببضائع سريعة الاشتعال ليست على النحو المطلوب، فإن ما يلفت الانتباه منح تراخيص مزاولة مهنة لمطاعم الوجبات السريعة وغير السريعة لمجرد قيام أصحابها بتركيب مَداخِن.. لكن دون استيفاء الشروط المحدَّدة من ناحية الارتفاع المطلوب وجودة التصنيع والتركيب. فتراها وقد أخذت تقذف حِمَمَها من أبخِرَة وغازات وزيوتٍ محترقه على التندات والشرفات التي تتكدس عليها الكيبلات وشبكات الأسلاك بما يُسهِّل ذوبانها فتماسها فاشتعال المحيط بها ثم الانتقال بلمح البصر إلى داخل الطوابق حيث الأقمشة والملابس والمنتجات البلاستيكية والكاوتشوكية. ولن أخوض في أماكن تموضع أسطوانات الغاز في المطاعم وبعض المقاهي حيث تجدها قريبة مِن أجهزة الطهي أثناء إشعالها وتشغيلها، بل وقرب العاملين عليها والزبائن في حالاتٍ.
وفي السياق نتساءل كيفَ للنداءات المتكررة من المواطنين في الشتاء الماضي وما قبله حول الأشجار التي تشتبك بداخلها الأسلاك الكهربائية وما وقع من حوادث مِن جراء سقوط الأسلاك مع الأغصان والأشجار وما سببته من أعطال ومخاطر على الإنسان، تلك النداءات التي تحفَّزت لها وقتئذٍ شركة الكهرباء والأمانة والوزارات المعنية لم يجرِ تفعيل متطلباتها وإجراء اللازم من خلال حَملات وجولات على جميع الشوارع والطرق للتأكد من بُعد الأسلاك عن الأشجار وقطع ما تُسبِّبُه من أخطار في الشتاء القادم فجمع الأغصان المتساقطة وإعادة ربط شبكات الأسلاك دون معالجة جذرية سيجعل السلامة العامة في هذا الأمر مُهددة.
أما السلامة العامة فنجدها غير مطبقة بالفعل من كثيرٍ مِن متعهدِيّ تشييد الأبنية والعمارات حيث نرى كمثالٍ العمال مُعلقين على ألواح خشبية مخالفة للشروط المطلوبة ومشدودة بِحبالٍ غير آمنةٍ يضطر العامل للعمل عليها مرغماً لتامين معيشته وروحه على كفه. وغير ذلك من ظواهر سقوط مواد بناء وحجارة تهدد المارة والمجاورين لعدم تطبيق متطلبات شروط السلامة حسب الأصول.
يبقى أن نُعيد للذاكرة على ما وردَ في بداية المقال ليس الحوادث الحديثة العَهد التي لا تزال قريبة من الذاكرة ومعروفة للجميع، بل ما جرى لمراتٍ نذكر منها على سبيل المثال ذلك الحريق الذي شبَّ من جراء تماس كهربائي ثم التهم نحو أربعين محلاً في أسواق البخارية وفيلادلفيا والبلابسة في الشهر الثامن من عام 2009 وجهود الدفاع المدني العام الكبيرة الذي دفع بخمسين آلية إطفاء وثلاثماية رَجُلٍ لمحاصرته وإطفائه، والحريق الهائل الذي شب ليلة الأحد 26/5/2013في عمارة ومحال تجارية في شارع الملك طلال قرب ساحة النوافير ما دفع بعشرات آليات الإطفاء لإخماده.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.