على هامشِ معرض عمان الدولي الرابع للعِملات والطوابع البريدية
حنّا ميخائيل سَلامة نُعمان
الطوابع البريدية الصادرة عن الدول المختلفة بما في ذلك الأوراق النقدية والقِطَع النقدية المَعدنية التي جرى تداولها في أزْمِنَة مختلفة أو مُعاصِرَة تُعتبَر توثيقاً أميناً وشواهِدَ حيَّة تتحدثُ بنفسها عن الحضارات التي سادت عبر العصور وعن الدول وما مرَّت به مِن مراحل وأطوار، وعن حُكَّامِها وَسَادَتِها، ومناسباتِها الوطنية وانجازاتها، وما خاضت مِن حُروبٍ، وما عَقَدت مِن عهودٍ واتفاقيات. ومنها ما يتحدَّثُ عن حياةِ شُعوبها وأنماطِ معيشتهم. يُضاف إلى هذا، أنَّ مِنها ما يُوثِّق الآثار وشواهِد العِمران في حِقَبٍ مختلفة.
وحفاظاً على هذا الإرث التاريخي الثمين يُقْدِمُ مُختصون مِن هُواة الطوابع والعملات إلى جَمعِها واستجلاء ملامحها والتَّثَبُّتِ منها قبل ترتيبها بشكلٍ يُراعي تسلسلها الزَّمَني والمكاني وقيمتها الإسْمِيَة وما يلزم من مُتطلَّباتٍ لها أهميتها ودِلالاتها للوصول إلى الدِّقة المَرجوَّة حين عَرْضِها لِلعَيَان.
وبغرَض التوعية والتثقيف وفتح النوافذ على هذا الإرث القَيِّم مع الدول المختلفة، ولتبادل المقتنيات وتسويق المُمِكن مِنها، ولتشجيع هذه الهواية وتنميتها تُنَظِّمُ جمعية هواة الطوابع والعملات الأردنية بما تملك من خبرةٍ مُتراكمة منذ تأسيسها سنة 1979 أنشِطة مختلفة تجري مِن خلال نُخبةِ هُواةٍ مِن أعضائها مِن ذوي الخِبرة الواسعة في جمع الطوابع والعملات وتقيِيمها حسب المعايير الدولية المُعتمدة وبتعاونٍ ملحوظٍ مع جمعيات عربيةٍ وأجنبية متخصِّصَة مُماثِلَة.
وكان أحدث نشاط للجمعية المعرض الرابع الذي افتُتِحَ قبل أيام في موقع "جاليري أمانة عمان الكبرى" وبرعاية كريمة مِن الرئيسة الفخرية للجمعية صاحبة السُّمو الأميرة عالية بنت الحسين. ومِن ضمن نشاط افتتاح المعرض الذي تُشارك فيه مجموعة جمعيات رائدة لهواة الطوابع والعملات من بعض الدول تمَّ إشهار كتاب عنوانه "مسيرة الملوك الهاشميين من خلال الطوابع البريدية بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس الدولة الأردنية". والكتابُ مشروعٌ تثقيفي توثيقيٌ، جاء ثمرة جُهدٍ شخصيٍ لمؤلِّفهِ ومُعدِّهِ الباحث جليل طنوس رئيس الجمعية حيث ألقى فيه المؤلف الضَّوء على المسيرة الهاشمية التاريخية منذ انطلاق الثورة العربية الكبرى- النهضة العربية- من الحجاز سنة 1916 بقيادة المغفور له الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه مروراً بالتوثيق لتأسيس الدولة الأردنية واستقلالها مع ما رافق هذا من مناسبات وطنية مختلفة".
ويجيء هذا الكتاب إضافة نوعيةً مِن المؤلِّف لمجموعة إصدارات كان نشرها وحملت عناوين: "مدينة القدس في الطوابع العالمية " وقد أهداه مؤلِّفه ومُعِدُّه الباحث جليل طنوس" إلى المرابطين في مدينة القدس العربية وجوارها، إلى زهرة المدائن، مدينة الصلاة وعاصمة فلسطين الأبدية " وتوزعت موضوعاته المزدهرة بصور الطوابع التي تُمثِّل مسيرة القدس ماضيها وحاضرها في ثمانية فصول وقد اعتُبِرَ لأهميته مِن منشورات اللجنة الملكية لشؤون القدس وقدم له سعادة أمين عام اللجنة الأستاذ عبدالله كنعان. وكتاب بعنوان "مسيرة صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال من خلال الطوابع البريدية". وكتاب آخر بعنوان " مدينة إربد عاصمة الثقافة العربية للعام 2022 في الطوابع البريدية ".
وحين تَجوالِك في المعرض تشعر بالجهود المبذولة في تنظيمه، كذلك تنظُر إلى مَعروضات الطوابع والعملات قديمها وحديثها، فإذا التاريخ بأدواره المتعاقبة يَنبسِطُ أمامكَ، ورجالاته أمامَ ناظِرِيك، وحوادثه وأحداثه تكادُ تنطق بوقائعها ومُجرياتها. وتجِدُ نُخبة العارِضيِن الهُواة وقد تمكَّنوا عن عِلمٍ ومهارةٍ مِن معرفة أدقِّ التفاصيل بمقتنياتهم، وتتأكد بنفسِكَ مُعاناة بعضهم في السَّعي لاستكمال ما نقص من مجموعات كانت بأيديهم لتكون متكاملة حسبَما كانت عليه حين صدورها.. وتجدهم يحدثونك عن مراحلها التاريخية حسب تسلسلها الزَّمني وقِيمة كلٍ منها وما تتمتع به من ميزات وخصائص مع تبيان مغزى رسوماتها ورموزها وشخوصها وما تعنيه الأختام المثبتة على فئات منها في شرحٍ ينمُّ عن دِرَايةٍ وفَهْمٍ لتعميم المعرفة وتوسيع المدارك.
بقيَ ان نبارك لجمعية هواة الطوابع والعملات الأردنية حرصها على المحافظة على هذا الإرث الغَنِيّ ولنجاح معرضها الرابع. وإلى مزيدٍ من التوفيق في مسيرتها في هذا الحقل الواسع بمراميِهِ النبيلة الهادفة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أربعُ ملاحظاتٍ تتعلقُ بسياراتِ الأُجْرَة نَضعُها أمامَ مَن يعنيهم الأمر..
حنا ميخائيل سلامة نعمان
في الوقت الذي نقدِّر فيه جهود العاملين في قطاع النقل والمواصلات بسائرِ وَسائِله، وإسهام هذا القطاع الحيوي في دفع عَجلة التنمية وخدمة الناس وَتَيسير مصالحهم، فإنَّ هناك بعض الملاحظات التي تجيء من أرض الواقع نضعها أمام مَن يعنيهم الأمر بأمل متابعتها وإجراء اللازم حولها.
الملاحظة الأولى تتعلق في نِسْبَةٍ من سائقي المركبات العمومية بالأجرَة -التاكسي الأصفر والسرفيس- إذ ما عادت تكتَرِث للتعليمات الصادرة عن هيئة تنظيم قطاع النقل والجهات المختصة الأخرى، والقاضية بتثبيت بطاقة تعريف في مكان واضح المعالم مِن المركبات تتضمن اسم السائق وصورة شخصية له واسم المكتب الذي يعمل لصالحه ومعلومات أخرى مُدوَّنة عليها ذات أهمية بالغة. والبطاقة المذكورة يجري تجديدها سنوياً. وتوفُّرها إلزامي في كلِّ مَركبةِ أُجْرَةٍ وأن تكونَ قُبالة نظر الركاب وليس في رُكنٍ منها أو وضعها بشكلٍ مقلوبٍ كيلا تُرى معلوماتها.
الملاحظة الثانية تتعلق بظاهرةٍ تُشبهُ أن تكون اسْتِعطاءً مِن قِبل فئةٍ مِن سائقي تلك المركبات. حيث يُمَثِّل السائق أثناء قيادته المركبة لتوصيل الركاب -ونخصُّ هُنا إن كانوا مِن زوار البلد وضيوفه أو كانوا مِن الإناث في استغلالٍ لمشاعرهنَّ الإنسانية - يُمثِّل ورودَ مكالمة له وتكون مُنسَّقة مِن قَبل.. تُفيدُ كمِثال مِن أمثلةٍ متنوعةٍ ،ٍ بوقوع حادثٍ لأحد أفراد عائلته وأنه جرى نقله للمستشفى ويتطلب ذلك مبلغاً سريعاً من المال، فيأخذ السائق بإظهارِ صدمته وأنه لا يملِك شيئاً. ويأخذ في استثارة عاطفة الركاب مِن خلال استعطاءٍ ٍلتوفير أيّ مبلغٍ يكون عوناً له فيما يسميه مصيبة حلَّت عليه، فتراهم يقدمون ما في جيوبهم له على حاجتهم لِما يقدمونه! صحيحٌ أنهم غير مُلزمين بإعطاء مَالِهِم على هذا النحو، لكن لأنَّ الموضوع يدخل في بابٍ يُشبه أن يكونَ تحايلاً متكرِّرَاً، فمن الأهمية متابعته مِن الجهات المعنيَّة. ومن السهل ذلك من خلال سوَّاقين مؤتمنين يمكنهم الإفصاح بمعلومات عن تلك الفئة التي تُسيء بتصرفاتها على باقي السواقين الذين يحرصون على عملهم ويُخلصون لرسالة المهنة. يواكب هذا التأثيرات السلبية لتلك التصرفات التي تترك انطباعات غير محمودة في النفوس.
الملاحظة الثالثة تتعلق بعودة ظاهرة انتقاء الرُّكاب مِن قِبَل نسبةٍ غير ضئيلةٍ مِن سائقي تلك المركبات حيث يرفض كثيرون منهم حين معرفة وُجْهَة الركاب توصيلهم اليها تحت حُجَج مختلفة جاهزة على ألْسِنَتهم. يجيء هذا لانتقاء رُكَّابٍ مُحدَّدين حسبَ المِزاج ولأماكن يرَونها أكثر راحة لهم وأوفر دَخلاً. فَتَمُرُّ على سبيل المِثال أمام الشخص المُنتَظِر عدَّة سيارات على فتراتٍ زمنيةٍ فيُوجِّه كلّ سائقٍ سؤاله: إلى أين؟ ثم تراه يرفض لحُجَّةٍ جاهزة عنده.. وبعد مُعاناةِ انتظارٍ تحت أشعة الشمس صيفاً أو تحت المطر المُنهمرِ شتاءً تجِد مَن يتكرم ليوصِلَ الشخص إلى المكان الذي يُريده.
الملاحظة الرابعة تتعلق بعودةِ الادعاء بتعطُّل عداد الأُجْرَة ويكونُ هذا بعد توصيل الرُّكاب لوجهتِهم وتأتي هذه الحُجَّة مِن قِبَل فئة لاستيفاء أجرةً مضاعفة، بل وأكثر مما هو مستحق الدفع. وتنشطُ هذه الحالة بالإضافة لمناطق متفرقة قُرب مُجمعات السفريات في استغلال للقادمين الذين يريدون الوصول لعناوين مختلفة فتراهم يدفعون رغماً عنهم اجتناباً للأخذ والرد والمشاكل. وفي السياق، ومع وجود أسماءَ واضحة للشوارع وتوفر أرقام للأبنية ووجود مَعالمَ يعرفها القاصي والداني فإن هناك مِن السواقين مَن يدعي عدم معرفته بالمناطق والشوارع ليأخذ راحته في اللف والدوران وليُسجِّل العداد مسافات طويلة وقد يدعي تعطل العداد حين يصل بالركاب لمقصدهم لاستيفاء أجرةٍ عاليةٍ!
ويبقى القول إن توفر المركبات العاملة بنظام التطبيق الذكي على أهمية الأمر إلاَّ أنَّه لا يعني عدم حاجة الناس لسيارات الأُجْرَة المعهودة لقضاء حاجاتهم في التنقل على ضَوء القوانين التي تضمن حقوقهم ودونَ استغلالٍ مِن أحد.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.