في باب إصدارِ شهاداتٍ باسمِ جامعات وأكاديميات وهمية
وظاهِرَة السَّطوِ على ألقاب الدرجات الجامعية العُليا!
بقلم: حنا ميخائيل سلامة
يجري بين الحينِ والآخر تداول شهادات جامعية أو صادرة عن أكاديميات عالمية، تمَّ تدوين أسماء مَن نالوها بالإضافة إلى تخصصات مُعيَّنةٍ مذكورة فيها على اعتبار أنها كانت موضع دراستهم وبحوثهم خلال دورة تدريبية أو تعليمية اجتازوها محلياً فنالوا شهاداتهم على أساسها. غيرَ أنَّ مَن يدقق تلكَ الشهادات، التي تُمنح دون رَيْبٍ مقابلَ استيفاءِ مبالغَ مالية لصالح مراكز تدريب أو معاهد أو مكاتب جامعية يدعي أصحابها ارتباطهم بجامعات واكاديميات خارجية، يتكشّفُ له بعد تمعُّنٍ وتَحقُّقٍ وبحثٍ أنها وهمية ومُنِحَت بطريق التزوير والاحتيال!
وتُمعِن جهات في أسلوب التضليل فَتُنشِئ على سبيل المثالِ موقعاً الكترونياً يحمل اسماً لأكاديمية تعليمية عالمية أو اسماً مُبهماً مِثل: جامعة جنوب الدولة الفلانية ، أو جامعة شرق الدولة الفلانية أو غربها أو شمالها ودونَ ذِكر اسم جامعةٍ مُحدَّدة أو ذِكر اسم الولاية أو المدينة الكائنة فيها، بل ودون ذِكر أسماء الإدارات الجامعية ومجالسها وأمنائها مطلقاً، بل تحشد صوراً مختلفة ومعلومات جامعية متفرقة مُسْتلبة من مخزون مواقع جامعية مُعتبرة لاستدراج الطلبة وطمأنتهم أن هذه المعاهد التعليمية والمراكز التدريبية مرتبطة وعلى صِلةِ تشارك مع تلك الجامعات والأكاديميات .
وإذا كانت الجهات الرسمية قد نبَّهت قبل أعوام ألاَّ يقع المواطن ضحية أية جهة تُصدِر شهادات عن جامعات خارجية وهمية لا وجود لها، وأن السُّبُل مُتاحة للتأكد مِن ذلك، غير أن هناك على ما يبدو مَن لا يزال يمنح مِثل تلك الشهادات في ضَربٍ من الخداع والتزوير بما يتطلب إعادة إيلاء هذه المسألة الأهمية المطلوبة واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقِ مانحِيّ الشهادات وَلِوَقفِ استغلال أبرياءَ ليسوا على درايةٍ بأساليب الاحتيال التي مورِسَت بحقهم وعن بُطلانِ الشهادات الممنوحة لهم!
وفي السِّياق ينبغي إعادة تنبيه من يعنيهم الأمر لظاهرة السَّطو على ألقاب ومسميات الدرجات الأكاديمية العُليا مِن قِبَل فئات تريد رفع مَنزِلتِها في المجتمع ودرجتها في المواقع التي تعمل فيها أو تنتسب إليها. وقد يكون لاستثمار الألقاب بهدف الحصول على غايات معينة. هذه الظاهرة السلبية والمتَمثِّلة بأن يُطلِق أحدهم على نفسه" لقبَ دكتور" ويُثبِّت هذا اللقب في بطاقة يوزعها هنا وهناك ويُدوِّنه أيضاً في مراسلاته، بل وترى اللقب وقد دخلَ في سجلات بعض المؤسسات والجمعيات الثقافية أو الخيرية أو الاجتماعية وربما في قيود جهاتٍ رسمية دون تمحيصٍ ودونَ الطلب من الشخص ابراز ما يُثبِت حصوله على تلك الدرجة واسم الجامعة تحديداً واسم المدينة ليَسْهُل التدقيق عليها حسب الأصول. يجيء هذا كيلا يحصل أيّ تلاعب أو تعمية أو تَسَتُّر مِن أحد في ضَربٍ مِن عدم الاكتراث والاحترام للألقاب الجامعية والحفاظ على حقوق حملة شهادات الدراسات العليا الذين سهروا وكدّوا وتعبوا للحصول عليها.
هذه الظاهرة كنتُ كتبتُ عنها لمراتٍ مِن قَبْل وأعيدُ الكتابة عنها الآن لعدم اتخاذ إجراءات رادعة ومحاسبة مَن يسطو على الدرجات الأكاديمية العُليا وأخصُّ هنا درجة دكتوراة، في وقتٍ نرى دولاً تُنْزِل أشدّ العقوبات بحقِ الفاعِلين مع حِرمان مُتعدد الجوانب والأشكال ليكون عِبرةً وتأديباً لسائر الناس !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
إلى متى استمرار التلوث الضوضائي؟
حنا ميخائيل سلامة نُعمان / كاتب وباحث
عضو جمعية التغير المناخي وحماية البيئة الأردنية
تُعاني مناطق وأحياء سكنية متفرقة أجواءً من الضوضاء العارمة، بسبب الإزعاج المتواصل المنبعث من مُكبِّرات الصوت وسمَّاعات أجهزة التسجيل المُثبَّتة في البِكبات والمركباتِ المختلفة التي تجوب للتجارة من الصباح إلى المساء في تلك المناطق والأحياء. حيث يقوم أصحابها باستعمال مُكبِّرات الصوت للمناداة على موادَ مختلفة يعرضون بيعها حيث يقومون بسَردِ أصنافها صِنفا ًتِلوَ صِنفٍ وبصوتٍ مرتفعٍ جداً، أو لشراء المواد المستعملة وسَردِ أصناف ما يرغبون ابتياعه في قائمةٍ طويلةٍ من خلال أجهزة تسجيلٍ في مركباتهم لا تتوقف عن البث ولو لدقائق.. وفي حقيقة الأمر فإن هذا النوع مِمَن يدَّعون رغبتهم في شراء المواد المستعملة لا يكون قصدهم الشراء، بل الحصول عليها شبه مَجانٍ في لونٍ مِن الاستعطاء والتَّسَول المُقنَّع! ويتكرر تجوال تلك الفئات لمراتٍ كثيرة في محيط العمارات السَّكنية ودون انقطاع، حتى وإنْ لم يتوفر من يشتري منهم أو يبيع شيئاً من القائمة التي ينادون عليها!
إن تصدير "التلوث الضوضائي" بهذا الأسلوب المُزعج والفوضوي لأحياءَ سكنية يَسلبُ حقَّ الناس في الراحة والسكينة، ويَسلبُ أيضاً حقَّ الطلبة بالدراسة والتحصيل، وحقَّ الأطفال في نومٍ هادئٍ، ويسلب وهذا أمرٌ بالغ الأهمية حقَّ المرضى بالخلود للراحة والنوم على أسِرَّة شِفائِهم في بيوتهم! وفي السياق، تجدر الإشارة إلى تمادي بعض التجار المُتجولينَ بمركباتهم بإطلاق زوامير مختلفة الأصوات دون اكتراث بالضوضاء التي تسببها والأفظع من هذا إصرارهم على الوقوف، بل المكوث وتبادل الأدوار مع نظرائهم من الباعة أمام عمارات وأبنية وتجمعات سكانية معينة بالرغم من عدم تجاوب السكان في الشراء أو البيع كما أسلفتُ سابقاً، وكأن المُراد إشاعة جوٍ من الفوضى والتشويش قد يُفضي لاحتكاكٍ مع السكان!
الملاحظة الأخرى تتعلق بالمطاعم والمقاهي التي مُنحت تراخيص عمل دون مراعاة مراقبتها بألاَّ تُحْدِث ضوضاء بيئية فتراها ترفع كلَّ مساءٍ _ وليس لأمسيَّةٍ واحدةٍ لمناسبةٍ معيَّنةٍ _مكبرات صوت سماعاتها لمستويات عالية في سَهَراتٍ وأمسيات لمُطرِبينَ تمتدُ لساعات متأخرة من الليل. أمَّا ما يُعانيه سكانُ العمارات السكنية المحيطة الذين يُسْلَبون حقهم في الراحة والخلود للنوم وكذا حال الطلبة والمرضى والأطفال فإنها مُعاناةٌ صعبة ومريرة.. وكأن المقصود وكما يتحدث سكان تلك المناطق لتنفيرهم وتهجيرهم علماً أن أبنيتهم قد شُيِّدَت قبل فتح تلك المطاعم والمقاهي بسنوات كثيرة. وقد اختاروا تلك المواقع بقصد الهدوء والسكينة ولتنظيمها السَّكني. بما ينبغي اتخاذ الإجراءات المناسبة وإنفاذ التشريعات البيئية بحق أصحابها وإلزامهم سواءٌ كانت في العاصمة أم في المحافظات والمدن التابعة إدارياً لتلك المحافظات بتركيب عَزلٍ صوتي وبتحديد معيارِ أصواتِ بثهم فلا تتجاوز تلك المطاعم والمقاهي وغير ذلك من إجراءات. أما ادعاء البعض بأن ذلك كله يدخل في بند تنشيط السياحة الداخلية لذا يتم تجاهل صرخات وشكاوى السكان المجاورين ومن هم أبعد سَكَناً فهذا الادعاء يُشكِّل هُروباً واحتماءً في غير محلهما!
وفي السِّياق فهناك حضانات ورياض أطفال مُنِحَت تراخيص بين عمارات سَكَنيَّةٍ فتحولت إلى ساحات ألعاب وتسلية لجذب الأطفال.. فأخذت تُصَدِّرُ الضوضاء البيئية والضَّجيج وتمنع راحة السكان المحيطين ومن يزاولون أعمالهم من بيوتهم ، مَا ينبغي إنفاذ التشريعات البيئية بحقها .
ليس المُراد بما جرى ذِكْره قطع أرزاق الناس واقصد المُلتزمينَ بالمعايير البيئية جميعها، بل اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنظيم عمل التجار المتجولين غير الملتزمين، والمطاعم والمقاهي غير المُلتزمة ومراقبة أعمالهم من لجانٍ متخصصةٍ.. ومنع استخدام أجهزة التسجيل أو المكبرات الصوتية لوقف التلوث الضوضائي للبيئة والناس. مع ما يلزم من إجراءات بحق الحضانات ورياض الأطفال. فالتعدي على البيئة بأي شكل من الأشكال لا يندرجُ تحت مُسمى حرية الشخص بفعِل ما يشاء، مُستذكرينَ هنا مشروع واجب الإنسان نحو البيئة هذا المشروع الذي تمّ إطلاقه قبل أعوام بهدف المحافظة على هوائِنا ومائِنا وبيئتِنا من جميع العوامل السَّلبية المُعكِّرة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
" الناسُ للناسِ من بدوٍ وحَاضرةٍ ... "
بقلم: حنا ميخائيل سلامة نعمان
تجلَّى صَدْرُ بيت الشِّعر هذا للمَعري مع عَجْزِه: " بعضٌ لبعضٍ وإن لم يَشعروا خَدمُ"، وتجسَّد بصورةٍ جميلةٍ مُنذ حلَّ وباء فيروس كورونا على بلدنا كما فعلَ في دول العالم كله دون استثناء.. فاقتضى حَجر الناس في بيوتها مع أوامر وتعليمات أُخرى بهدف الوقاية والسلامة العامة. أمام هذا الواقع أدركت نسبة طيِّبَة من المواطنين المسؤوليات الإنسانية والأخلاقية المُلقاة على كواهلها في هذه المرحلة الصعبة، وجاء هذا من باب شعورها الإنساني وحِسِّها الوطني ولتفهُّمِها المعنى الحقيقي في أن يكون الإنسان عُضواً في الجماعة البشرية وفي المجموعات المجتمعية، بما يعني الالتزام الضَميريّ بتقديمِ خدماتٍ حين يتطلب الظرف ويقتضي الواجب.
"... لعلها من دَرَنٍ تــُغسـَــــلُ"
بقلم: حنا ميخائيل سلامة نعمان
يا للمَعري الفيلسوف الشاعر المولود في معرة النعمان سنة 973 للميلاد كم كانت بصيرته ثاقبة على فقده بصره في سِنٍ مُبكِّرٍ.. القائل:
"والأرض للطوفان مشتاقة... لعلها من دَرَنٍ تُغسَلُ"
ها إنَّ طوفان فيروس كورونا يجتاح عالمنا مع الأسف فتراه يفتك دون هوادة ودون تمييز...!
أيُّ نِعمةٍ هذه نِلْتِها أنْ تكوني راهبةً!
بقلم حنا ميخائيل سلامة نُعمان
أيُّ نعمةٍ هذه نِلْتِهَا حينَ أضاء المُعلِّم الإلهي عليكِ مِن شُعاع نورهِ واختاركِ للحياة الرسولية من خلال تكريس ذاتِك للحياة الرهبانية!
أيُّ حُظوةٍ هذه نِلْتِها عند الفادي الطاهر القدوس حين تحركت أوتار قلبكِ لنداء مَحبَّتِه الإلهية فَأقدَمْتِ بإرادةٍ واعيةٍ، وثقةٍ، ودونَ تَردُّدٍ لتلبية النداء، فتركتِ ذوي القُربى ورفيقات الدَّرب وتخلَّيْتِ عن عَرَض الدنيا الزائل "مِن أجل الرِّبح الأعظم يسوع المسيح" ليمتلئ قلبكِ بحُضورِهِ الإلهي، فيملك فيه، ويجعل منه هيكلاً حياً لخدمته ومجده ولبذلِ حُبٍ أعظمَ إتماماً لمشيئته القُدُّوسة في خلاص النفوس وحَملِ سراج إنجيل المحبة والفداء، والعمل على نشر الرحمة الإلهية وتفعيلها لجعلها واقعاً ملموساً، مع ما يواكب هذا من أعمال التقوى والبِرِّ والإماتةِ لبلوغ درجة الكمال الروحي وللظفر بالكنز المُعد لكِ في ملكوت السَّماوات!
أيُّ تشريفٍ هذا وأيُّ إحسانٍ خصَّكِ به ينبوع النِّعمة عَيْنهِ بأن يقود روحه القدوس خُطاكِ نحو أديارَ عابقة بالإيمان والقداسة حيث الصلاة والتأمل والزُّهد والتَّبَتُل والاتضاع والخدمة، مَا يُشكِّل مَعِيِنَاً للفضائل الرَّهبانية وللارتقاء الروحي وذلك لتهيئتِك للمهمة السامية، ولتُنَمِّي في تلك الأديار دَعوتكِ على هَدي قوانينَ مُشبعة بالمحبة والرحمة والالتزام والمسؤولية للوصول إلى جوهر رسالة الرَّهبنة وغاياتها. وليتحقق لكِ في الوقت نفسه، المزيد من العِلم الوافر والخبرة الواسعة بهدف نُمُوِّكِ الرُّوحي المقرون بالمَعْرفي لرؤية الأمور بعين الإيمان. إن إبراز النذور المقدسة العِفَّة والفقر والطاعة والمحافظة عليها مدى الحياة يُعدُّ تتويجاً للرسالة الرهبانية المقدسة من جانبٍ، ومن جانبٍ آخر يُعتبرُ تجسيداً حياً لأسمى المُثُلِ والقِيَمِ والفضائل السامية لِمَن صَفَتْ قلوبهنَّ للحقِّ فاصطفاهُنَّ الحقُّ!
وها أنتِ ذا تُؤثِرِينَ الصَّمتَ، فلا تتحدثينَ عن نفسكِ تواضعاً مِنكِ واتضاعاً، والتزاماً بقُدُسيَّة رسالتكِ، ذلك أن المجد الزمني ليس في خاطِركِ.. أنتِ يا مَن وجَّهتِ بَصَركِ وَبَصِيرتكِ نحو مجد الله في العُلى. ولأنَّ في الصَّمت تعملُ النِّعَم وتزدهر فإنَّ أنوار تقواكِ وَوَرعكِ وأعمال الرحمة والبِرّ ِوالبذل والتفاني وما تُنجِزينَ مِن خِدْمَاتٍ روحيةٍ وإنسانيةٍ وتربويةٍ واجتماعيةٍ وخيريةٍ نجدها تُشِعُّ ساطعة فَتُحدِّثُ عن فيض نِعَمِ الله عليكِ، وتبوحُ بمجده العامِل مِن خلالِك..
فها أنتِ ذا تُوْليِنَ الكنيسة، بيت الرَّب، ومذبحها المقدس اهتماماً بالغا ًلائقاً ليكونا في أبهى حُلَّة وسَناء، وَتُعِدِّينَ سُرُجَ الزيت، وتُوقِدينَ الشموع، وتُنظِّمين جَوقات المُرَتِّلين المُسبِّحِين، وتُهيِّئِينَ المُتقدِّمينَ للأسرار المقدسة بتعليمهم عن ماهيتها وقُدُسِيَّتها، وتُشرفينَ على تنظيمهم لأداء طُقوسها بخشوعٍ والتزامٍ، وغير ذلك من مُهماتٍ تدفعكِ إليها غيرتك الرسولية وحرارة إيمانك وقوّة الزاد السماوي القربان المقدس" سِرّ حُبِّ الله للبشر" الذي تتناولينَ كلَّ يومٍ.
كما يُشِعُّ ساطعاً مجد الله وإنعامه الوفير عليكِ فيتحدَّثُ عما تؤدِّينَ مِن جهودٍ وعطاءٍ في رعايتك وخِدمتك لملاجئ المُسِنِّين والعَجَزَة والمُهمَّشينَ، ودُور الأيتام، والجمعيات الخيرية، ومراكز العناية بأصحاب الإعاقات، والمشافي المختلفة حتى تلك التي تستقبل مَن اجتاحتهم الأوبئة على خطورة العمل فيها، يجيء هذا كلّه تطوعاً وبمحبةٍ خالصةٍ لا مِنَّة فيها أو ابتغاءَ مُقابلٍ، وبصرف النظر عن عقيدة مُتلقي العون والخِدمة أو بلدهِ أو أصلهِ أو هُويته أو جِنسِه! وَتُشِعُّ ساطعة أضواء ما تبذلين بنعمة الله في ميدان التعليم الرَّحب في المدارس المختلفة والكليات المتخصِّصَة بما في ذلك مراكز التربية والثقافة الدينية. وليس يغيب عن الذهن تلك الأضواء المُنبعِثة من حُضورك للتوجيه والإرشاد في جمعيات الرعايا بمسمياتها المتعدّدة، وفي تجمعات الشبيبة الجامعية والعاملة بما يُضفي على أنشطتها طابعاً تَقَويَّاً ومُعتبَراً. وليس يخفى على أحدٍ زيارتكِ -حسب ما تأذن ظروفكِ- لتلك الأُسَرِ التي تُعاني ضَرَبات الزمن أو فقدان أحِبَّة فتمسحين الدموع وتُبلسمين الأوجاع وترفعين معهم صلاة السُّبحة الوردية فتتشدَّد العزائم ويزول اليأس. ولعلَّ في تعميم مثل هذه الزيارات وتوسيع مجالاتها لتشمل عائلات تعيشُ في غَمٍّ وقنوطٍ أو فراغٍ روحيٍ والتواصل معها مَا يجعلها تتوهج من جديد بالرجاء والأمل!
وها أنتِ ذا بمعونة الروح القدس وبقوة الصليب الذي يُطوِّقُ عُنُقكِ وبما أُولِيتِ مِن نعمةٍ وبصلواتكِ تتغلبين على ما قد يعترض مسيرتكِ من تحدياتٍ وصعوباتٍ، ومِن أمامَكِ تتوارى قِوى الشّر وأباطيل قِوى الظلام فتُهزم كما يَهزم النور الظلمة! وها هي ذا السُّبْحَة الوردية ترافقُكِ على مدار الساعة حُباً منكِ وتكريماً لوالدة الله المُمَجدة مريم العذراء. فترفعينَ الصلوات من خلال تَسْلسُل حبَّاتِها وتتأملينَ في أسرارها" الفرح والحزن والمجد" التي تُمثِّلُ جميع مراحل حياة يسوع وأمّه الممتلئة نعمة الواقفة على شُرفة التاريخ بشُعاعها الآسِر منارة رجاءٍ وأملٍ وعون.
أُختاهُ الرَّاهبة، الطُّوُبى لكِ.. فقد أَصَبْتِ خيراً.. فها أنتِ ذا تَمْضِينَ على درب القداسة مِن خلال إتمامِ رسالتكِ المقدسة الشريفة السامية بإيمانٍ مقرونٍ بالمثابرة والتفاني والاتضاع والصَّمت.. فَلَيتَنا نتعلم منكِ ونقتديَ بك!
ويتخطَّرُ في البالِ وأنا أختتمُ ما سَطَّرت قول جُبران:
"وهناكَ الذين يُعْطونَ ولا يَعرفون معنىً للألم في عطائِهم، ولا يَتطلّبون فرحاً، ولا يرغبون في إذاعة فضائلهم. هؤلاء يُعطونَ مما عندهم كما يُعطي الرَّيحان عَبيِرَهُ العَطِر في ذلك الوادي. بمثل أيدي هؤلاء يتكلمُ الله، ومن خلال عيونهم يبتسمُ على الأرض".
حنا ميخائيل سلامة نُعمان
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.